نسيج جمعوي: أزمة الأحزاب عمّقتْ القطيعة بين المواطنين والنخب

في غمْرة الاستعدادات الجارية لتنظيم الانتخابات المحلّية المُزمع إجراؤها بحْر السنة الجارية، وفي ظلّ تراجُع ثقة المواطنين في الأحزاب والنخب السياسية (حسب استطلاعات رأي أجريتْ مؤخرا)، كشَف النسيج الجمعوي لرصْد الانتخابات، أنّ الأزمة التي تعيشها الأحزاب السياسية المغربية، والصعوبات المتنامية التي تواجهها في مجال القيام بوظائفها، عمّقت قطيعة العَقد الاجتماعي بين المواطنينَ المغاربةِ ونُخبهم السياسية.
وأشار النسيج الجمعوي لرصد الانتخابات، إلى أنَّ أزمة الأحزاب السياسية ساهمتْ في تفاقم انعدام الثقة "وذهولِ" المواطنينَ من العدد الهائل للأحزاب السياسية المغربية المتواجدة على الساحة، والذي انتقلَ من 26 حزبا، سنة 2002، إلى 36 حزبا خلال الانتخابات التي شهدتْها سنتا 2007 و 2011، "وهو ما جعل من الصعب على المواطنين التمييز بين الاختلافات القائمة بين كل هذا الأحزاب"، يقول التقرير الذي أعدّه النسيج الجمعوي.
ويبْدو أنّ البلْقنة التي يشهدها المجال السياسي، والتي تؤدّي إلى عدم إفراز أغلبيّة حكومية واضحة، واضطرار الحزب "الأغلبيّ" إلى تشكيل حكومة غير منسجمة مُتألّفة من أحزاب، لهَا تأثير كبير على ثقة المواطنين المغاربة في الأحزاب السياسية، وأشار تقريرُ النسيج الجمعوي لرصْد الانتخابات في هذا الصدد إلى أنّ نظام الائتلافات، "الذي غالباً ما يوصف بأنّه "غير طبيعي"، يساهم في خلْط المعالم وفي الحدّ من مجال التنافس الحزبي".
ويؤدّي الوضع القائم حاليا بالأحزاب السياسية المغربية حينَ وصولها إلى الحكومة إلى اصطدام هامش مناورتها في المجال الاقتصادي والاجتماعي والإداري بالعديد من الفاعلين والهياكل الموازية التي غالبا ما تكون أقوى من الأحزاب السياسية في مجال إعداد السياسات العمومية وتنفيذها؛ وأشار التقرير إلى أنّ سعي الأحزاب السياسية إلى إيجاد توافقات بينها، للحفاظ على النظام السياسي، أدّى إلى إنتاج "منظومة أحزاب بعيدة عن قواعدها".
وسجّل تقرير النسيج الجمعوي لرصد الانتخابات، أنّ أزمة الأحزاب السياسية المغربية أفْضتْ إلى تقلّص إقبال المواطنين في العملية الانتخابية، بتدرّجٍ نَحَى منحىً تنازليّا، ففي سنة 1984، بلغتْ نسبة المشاركة في الانتخابات 67%، لتنخفض إلى 62% سنة 1993، ثمّ إلى 58% سنة 1997، واستمرّت نسبة المشاركة في الانخفاض لتتدنّى، سنة 2002 إلى 50% ثم إلى 37% سنة 2007، وهي النسبة التي وصفها النسيج إبّانَها بـ"الزلزال السياسي".
علاقةَ بذلك، دَعَا النسيج الجمعوي لرصْد الانتخابات إلى عادة قراءة نسبة المشاركة في انتخابات 2011 التي أعلنتْها وزارة الداخلية، وذلك باستحضار أنّ العدد الفعلي للناخبين المحتملين الذين بلغوا سنّ التصويت، وفق أرقام المندوبية السامية للتخطيط، يزيد على 21 مليون شخص، وهو ما يعني أنّ عدد المواطنين غير المسجلين في اللوائح الانتخابية يصل إلى 7 ملايين شخص. واعتبر النسيج الجمعوي لرصْد الانتخابات أنّ ذلك يعني أنّ نسبة المشاركة في الانتخابات بلغتْ في الواقع 29%، دونَ احتساب الأصوات الملغاة، وليْس 37% كما أعْلنتْ وزارة الداخلية.