أطلق مسيحيون مغاربة أخيرا حملات تستهدف تنصير الشباب، عبر موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، وإذاعة إلكترونية تحت مسمى "راديو نور المغرب"، تبث برامج حوارية مباشرة بشكل علني، من خلال ترك أرقام هاتفية للتواصل، ومساحات للدردشة حول النصرانية.
ويدعو القائمون وراء الصفحة الفايسبوكية التي تحتضن أنشطة الإذاعة الإلكترونية، الزوار المغاربة إلى الاتصال بأحد "المرشدين" طيلة 12 ساعة يوميا، حول "المواضيع المدرجة في الموقع، أو بشأن الإنجيل المقدس، أو قضايا "الحلال والحرام في المسيحية"، والصلاة النصرانية.
السروتي: تنصير المغاربة لم يخفت
هسبريس طرحت هذا الموضوع على الخبير في ملف التنصير والأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، الدكتور محمد السروتي، والذي أكد أن من يتابع واقع التنصير في المغرب، قد يتوهم أن المنظمات التنصيرية تراجعت عن استهداف المغرب في السنتين الأخيرتين.
وقال السروتي إن من يتوهم تراجع استهداف تنصير المغاربة يستند على "انعدام حالات ضبط المنصرين أو ترحيلهم، وقلة المواكبة الإعلامية للظاهرة، وغياب المواكبة السياسية، حيث كانت حصيلة الأسئلة الكتابية أو الشفوية في البرلمان عن الظاهرة وواقعها صفرا".
ويضيف الباحث "من يسبر أغوار ظاهرة التنصير بالمغرب، يدرك أن تراجع الاستهداف التنصيري مجرد سراب، حيث إن هذه المنظمات تسابق الزمن في التغلب على مختلف العراقيل التي تواجهها، فبين الفينة والأخرى تنقل معاركها للفضاء الالكتروني البعيد عن الرقابة".
وأشار المحلل إلى أنه "تم تخصيص يوم سنوي أطلق عليه "يوم التنصير الإلكتروني Internet Evangelism Day، وانطلق لأول مرة عام 2005، ويتم فيه تحفيز المنظمات التنصيرية على بذل جهد أكبر، باعتبار ما يوفره الفضاء الرقمي من فرص هائلة للتنصير من غير قيد أو رقابة.
ويرى المنصرون أن هذا الفضاء الرقمي ليس مجرد طريقة جديدة للتنصير، وإنما نقلة نوعية ينبغي استثمارها في إنشاء الصلات والروابط الاجتماعية القوية بين المنصرين والفئات المستهدفة، خصوصا أن عدد مستعملي الانترنت بالعالم يقدر بحوالي ملياري شخص".

وأفاد السروتي بأن الجهود الإلكترونية السالفة سرعان ما أسفرت عن إطلاق مجموعة من المواقع الإلكترونية، وغرف الدردشة الإلكترونية المعروفة بـ"البال توك"، وعدد من صفحات الفايسبوك، موجهة بالخصوص للمغاربة، ومن ذلك موقع تنصيري بالعامية المغربية أطلق سنة 2007.
خلفيات التنصير الإلكتروني
وأكد السروتي أن "اهتمام المنصرين بالجانب الرقمي يعود لسنوات خلت، غير أنه عرف طفرة خلال السنتين الأخيرتين، نتيجة ما تصفه الجهات التنصيرية بالتضييق الذي يطالها من طرف المغرب، فقررت اللجوء إلى شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة الفايسبوك، لإطلاق حملات تنصيرية تستهدف الشباب.
واتحدت ستة تنظيمات تنصيرية، معلنة عن إستراتيجية جديدة سميت "حملة المغرب 2014‘، هدفها مواجهة الحملات الأمنية المغربية التي تقول إنها تستهدفها، بسبب ما تقول إنه تضييق أمني وقانوني على الأنشطة التنصيرية بالمغرب، حيث يمنع القانون الترويج للدين النصراني.
وأورد المتحدث أن المنظمات التنصيرية أفردت أهمية للفضاء الأزرق، وانتبهت على سبيل المثال إلى ارتفاع وتيرة استعمال شبكات التواصل الاجتماعي في المغرب خلال السنوات الأخيرة، حيث قدرت بعض الإحصائيات أن 15 في المائة من المغاربة يستعملون الفايسبوك.
وتابع السروتي بالقول "إضافة إلى نسبة الإقبال على وسائل التواصل الاجتماعي، هناك معطى آخر يكتسي أهمية بالغة، ويتعلق الأمر بغياب الرقابة الأمنية عليها، بل وصعوبتها حتى لو أرادت ذلك، مما يجعلها وسيلة آمنة لنشر الديانة النصرانية بين الشباب المغربي".
ولفت الخبير المغربي أيضا إلى "الزخم والدور الذي قامت به هذه الوسائل الإلكترونية إبان ما عرف بالربيع العربي، والذي تمكن من خلاله الشباب من التواصل مع بعضهم البعض، ونقل الوقائع إلى العالم رغم حملات التضييق والحجب التي طالت مواقعهم".
وأبرز المتحدث أن المنظمات التنصيرية، في حالة المغرب، عززت وسائلها بأرقام هاتفية وُضعت للراغبين في معرفة المزيد عن المسيح والمسيحية، والتي تكشف أن أصحابها يقيمون داخل البلاد، إضافة إلى أزيد من 15 عنوانا إلكترونيا من أجل التواصل مع المغاربة، خاصة مستعملي الفيسبوك.
وخلص السروتي إلى أن نشاط المنصرين في السنوات الأخيرة، ازداد بصورة أكثر حدة من السابق، مستغلا التقنيات المتطورة التي تتيحها التكنولوجيا الحديثة من فضائيات، وشبكات التواصل الاجتماعي، ومنتديات ومواقع إلكترونية، تتيح التواصل المباشر مع المستهدفين، بعيدا عن الرقابة.